كلنا نستحق الاحتفال والاحتفاء بنا جميعا، صغيرتنا قبل كبيرتنا، فكلنا فى الهم سواء.
نحن الجنس المأكولة حقوقه، المحملون خطايا البشرية كلها بدءا من الخروج من الجنة، أولى الخطايا التى نعاقب عليها حتى اليوم، انتهاء بكل اسباب الشرور والغواية!
نحن مبعوثات الشيطان، في رأي أصحاب العقول المريضة والعيون المقتحمة الجارحة والمعتدية، نحن الجنس الذي وصموه بوظيفة جنسية أبدية، لا نخرج منها ولا يشفع لنا فيها علم ولا دين ولا حتى حقوق إنسانية.
نحن من دفعنا ثمن هزائم الرجال فى حروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل انتهاكا واغتصابا وتشريدا، وعند الانتصار، رغم المشاركة والتضحية ودفع الأثمان غاليا من حريتنا وكرامتنا، يدفع بنا خارج الصورة لنظل اسرى وظيفة المحظيات ومتخذات الأخدان، منكرين إنجازات وربما قيادة وفكرا وعقلا رشيدا يسلب من الرجال وقت جنون الحروب!!
نحن النساء اللاتي حملن أوزار البشرية على ظهورنا القوية والضعيفة معا، راضخات لأحكام عرفية اجتماعية ذكورية ظالمة، ظلما تاريخيا، لا يعرف للعدل طريقا.
أما زوجيا وأسريا، فللقهر والظلم ألف عنوان وعنوان.. نحن فقط من نشيخ وتتشقق جلودنا عن تجاعيد أنثوية، تظهر فقط فى وجوهنا وأجسادنا، حكرا علينا دون الرجال المختفين تلقائيا خلف المال والجاه.. وخلف هيمنة ثقافة ذكورية للجنس المسيطر على مقاليد الحياة فى الكرة الأرضية.. يتمتعون بشباب أبدي ينكحون العذارى الواحدة تلو الأخرى على الأرض وفى الآخرة أيضا، بتواطؤ مجتمعى يبرر لهم كل الخطايا، أما الخطيئة فلا تدفع ثمنها سوى النساء، رغم الجريمة المشتركة!
نحن النساء اللاتي يتاجرن بنا فى أحط تجارة بالاختطاف والاختفاء القسري الممول من أجهزة سيادية ومنظمات عالمية يمتزج فيها المال الملعون بالسياسي بالعنصرى بجماعات قوادة عالمية تلبى طلبات من يلعنونها ويحاربونها فى العلن، وفى المساء يتحولون لزبائن متواطئين مميزينبكلفة مالية تدفع ثمن السكوت والتآمر، وحماية لاستمرارية أقذر مهنة اخترعها الرجال وفرضوها عنوة وغيلة من أول الزمن والتاريخ.
نحن النساء حبيسات المنازل الملقبات خداعا بربات البيوت، آلهة زائفة دون حقوق من أجل فلذات الاكباد، نتحول رهائن لديهم ويقايضون بهم أحلامنا ووجودنا وإنسانيتنا..لا يروننا خارج المخادع إلا خدما لأطفالهم، ربما لم يروا فيهن إلا تخليدا لأسماء قد لاتستحق الذكر أو دليلا على فحولة لايروا لأنفسهم قيمة خارج إطارها، مهما بلغوا من نجاح.. يشبهون جيادا طلوقة تستقبلهم النساء دون رغبة أو اختيار، فى كثير من الأوقات، ولا يحرك ذلك فى أنفسهم قيد أنملة من حرج أو إهانة لخصوصية إنسانية، تدنت عن كثير من الحيوانات التى لا تقبل التزواج إلا بعد رحلة طويلة من استمالة الأنثى، وينأى بعدها بقية الذكورعنها في فضيلة لا نراها كثيرا فى عالم الإنسان، ناهيك عن الرغبات المريضة التي لم تستثن حتى الأطفال، وتتعجب كيف يقع أصحاب أرفع المناصب فى تلك الممارسات.
وحدهن النساء يعرفن أسرار هذا العالم المكشوف عوراته، لكن يفرض عليهن الصمت.. تهديدا وتواطؤا ممن يهمه أمر السكوت والاستمرارية !!
نحن النساء اللاتى نلعب عشرات الأدوار فى الحياة، لايقدر منفردا عليها أعتى الرجال، ورغم ذلك نعامل كمواطنات من الدرجة الثانية فى عنصرية عجيبة لا تريد أن تموت، يعضدونها بنصوص فقهية لتضفى قداسة على أفكارهم ويخدعون بها نساء لا حظ لهن من تعليم أو ثقافة، ليصدقن أنهن ناقصات عقل، رغم أن تلك العقول "الناقصة" بالذات هي من علمتهم أبجدية الحياة من أول "تاتا خطي العتبة"، أما الدين فلولا الأمهات ماعرف الأطفال معنى التدين الصحيح، الذي هو معاملة وحب وخشية من إغضاب رب العالمين، لا طقوسا ومظاهر ونفاقا مظهريا لاعلاقة له بالتدين الحقيقي.. بينما الأب غائب يسعى ولا يرى له دور في حياة أولاده، في كثير من الأحيان، تاركا المسؤولية كلها لمن يتهمها زورا وبهتانا، بأنها ناقصة عقل ودين!!.
نحن النساء المعايرات بتدفق المشاعر الانسانية وعفويتها وبهجتها وسخونتها، وأنها سبب إبعادهن عن مراكز القرار والمناصب العليا، متهمين إياهن بضعف في مواجهة الازمات، ولم ينظروا إلى نتائج غياب تلك الصفات التى يصفونها بالأنثوية فى الرجال، مما حولهم إلى دعاة حروب وعنصرية مقيتة وظلم اجتماعى لايريد ان يعتدل ميزانه لتستقيم الحياة والأمان بين البشر، وقسوة مفرطة تعانى من أهوالها البشرية حتى هذه اللحظة، وهو عار يلاحق إنسانية فقدت ظلها، ويقودها الرجال.
سنحتفل بيوم المرأة العالمى بفرح حقيقي، يوم يرونا على حقيقتنا الجميلة صورة من الرجل، ربما أكثر تحضرا، صورة معادلة منه دون ظله المفقود، كفة الميزان التى تعدل من قسوة الحياة، الإنسانة.. الرفيقة.. السند.. التى بعثها الله إلى آدم حتى لا تقتله الوحدة ويفقد معنى وجوده!
كل عيد وأنتن طيبات.. سعيدات ومتحققات!.
--------------------
بقلم: وفاء الشيشيني
من المشهد الأسبوعي .. اليوم لدى الباعة